ذكر من أبطلها من خلفاء الدولة العبيدية الفاطمية: قال المقريزي في خططه (1/432): "وكان الأفضل بن أمير الجيوش قد أبطل أمر الموالد الأربعة: النبوي، والعلوي، والفاطمي، والإمام الحاضر، وما يهتم به وقدم العهد به حتى نسي ذكرها فأخذ الأستاذون يجددون ذكرها للخليفة الآمر بأحكام الله، ويرددون الحديث معه فيها ويحسنون له معارضة الوزير بسببها، وإعادتها وإقامة الجواري والرسوم فيها، فأجاب إلى ذلك وعمل ما ذكر".أ.هـ
فعلى هذا أول من أحدث ما يسمى بالمولد النبوي هم بنو عبيد الذين اشتهروا بالفاطميين(2).
ماذا قال أهل العلم عن الدولة الفاطمية العبيدية التي أحدثت هذا الأمر (المولد النبوي)؟
قال الإمام أبي شامة -المؤرخ المحدث صاحب كتاب الروضتين في أخبار الدولتين- ص 200-202عن الفاطميين العبيديين: "أظهروا للناس أنهم شرفاء فاطميون فملكوا البلاد وقهروا العباد، وقد ذكر جماعة من أكابر العلماء أنهم لم يكونوا لذلك أهلاً، ولا نسبهم صحيحاً بل المعروف أنهم (بنو عبيد)؛ وكان والد عبيد هذا من نسل القداح الملحد المجوسي. وقيل كان والد عبيد هذا يهودياً من أهل سلمية من بلاد الشام وكان حداداً.
وعبيد هذا كان اسمه (سعيداً) فلما دخل المغرب تسمى بـ( عبيد الله ) وزعم أنه علوي فاطمي، وادّعى نسباً ليس بصحيح -لم يذكره أحد من مصنفي الأنساب العلوية بل ذكر جماعة من العلماء بالنسب خلافه-.
ثم ترقّت به الحال إلى أن ملك وتسمى بـ(المهدي) وبنى المهدية بالمغرب، ونُسبت إليه. وكان زنديقاً خبيثاً عدواً للإسلام، متظاهراً بالتشيّع متستراً به حريصاً على إزالة الملة الإسلامية، قَتَلَ من الفقهاء والمحدثين جماعة كثيرة، وكان قصده إعدامهم من الوجود لتبقى العالم كالبهائم، فيتمكن من إفساد عقائدهم وضلالتهم والله متم نوره ولو كره الكافرون.
ونشأت ذريته على ذلك، منطوين يجهرون به إذا أمكنتهم الفرصة وإلا أسرّوه، والدعاة لهم منبثون في البلاد يضلّون من أمكنهم إضلاله من العباد، وبقي هذا البلاء على الإسلام من أول دولتهم إلى آخرها، وذلك من ذي الحجة سنة تسع وتسعين ومائتين (299) إلى سنة سبع وستين وخمسمائة ( 567).
وفي أيامهم كثرة الرافضة، واستحكم أمرهم ووضعت المكوس على الناس واقتدى بهم غيرهم، وأفسدت عقائد طوائف من أهل الجبال الساكنين بثغور الشام كالنصيرية والدرزية والحشيشية نوع منهم، وتمكن رعاتهم منهم -لضعف عقولهم وجهلهم- مالم يتمكنوا من غيرهم، وأخذت الفرنج أكثر البلاد بالشام والجزيرة، إلى أن منَّ الله على المسلمين بظهور البيت الأتابكي وتقدّمه مثل ( صلاح الدين )، فاستردوا البلاد وأزالوا هذه الدولة عن أرقاب العباد.
وكانوا أربعة عشر مستخلفاً، يدّعون الشرف، ونسبتهم إلى مجوسي أو يهودي حتى اشتهر لهم ذلك بين العوام، فصاروا يقولون الدولة الفاطمية والدولة العلوية وإنما هي ( الدولة المجوسية أو اليهودية الباطنية الملحدة ).
ومن قباحتهم انهم كانوا يأمرون الخطباء بذلك (أي أنهم علويون فاطميون ) على المنابر ويكتبونه على جدران المساجد وغيرها. وخطب عبدهم جوهر الذي أخذ لهم الديار المصرية وبنى لهم القاهرة ( المعزية)، بنفسه خطبة قال فيها: "اللهم صلي على عبدك ووليك ثمرة النبوة، وسليل العترة الهادية المهدية معد أبي تميم، الإمام المعز لدين الله أمير المؤمنين كما صليت على آبائه الطاهرين وسلفه المنتخبين الأئمة الراشدين )، كذب عدوّ الله اللعين، فلا خير فيه ولا في سلفه أجمعين ولا في ذريته الباقين والعترة النبوية الطاهرة منهم بمعزل رحمة الله عليهم، وعلى أمثالهم من الصدر الأول.
والملقب بالمهدي -لعنه الله- كان يتخذ الجهّال ويسلّطهم على أهل الفضل، وكان يرسل إلى الفقهاء والعلماء فيذبحون في فرشهم، وأرسل إلى الروم وسلطهم على المسلمين وأكثر من الجور واستصفاء الأموال، وقتل الرجال. وكان له دعاة يضلون الناس على قدر طبقاتهم، فيقولون لبعضهم (هو المهدي ابن رسول الله صلى الله عليه وسلم وحجة الله على خلقه )، ويقولون لآخرين (هو رسول الله وحجة الله )، ويقولون لأخرى (هو الله الخالق الرازق).
لا إله إلا الله وحده لا شريك له تبارك سبحانه وتعالى عما يقول الظالمون علواً كبيراً. ولما هلَك قام ابنه المسمى بـ 'القائم' مقامه، وزاد شرّه على شر أبيه أضعافاً مضاعفةً، وجاهر بشتم الأنبياء، فكان ينادى في أسواق المهدية وغيرها (العنوا عائشة وبعلها العنوا الغار وما حوى ). اللهم صلي على نبيك وأصحابه وأزواجه الطاهرين، وألعن هؤلاء الكفرة الفجرة الملحدين، وارحم من أزالهم وكان سبب قلعهم ومن جرى على يديه تفريق جمعهم، وأصْلهم سعيراً، ولقّهم ثبوراً، وأسكنهم النار جميعاً، واجعلهم ممن قلت فيهم { الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً }.
ولو وفق ملوك الإسلام، لصرفوا أعنّة الخيل إلى مصر لغزو الباطنية الملاعين؛ فإنهم من شر أعداء دين الإسلام، وقد خرجت من حدّ المنافقين إلى حد المجاهرين، لما ظهر في ممالك الإسلام من كفرها وفسادها، وتعيّن على الكافة فرض جهادها. وضرر هؤلاء أشدّ على الإسلام وأهله من ضرر الكفار إذا لم يقم بجهادها أحد إلى هذه الغاية، مع العلم بعظيم ضررها وفسادها في الأرض".أ.هـ بتصرف يسير.
وانظر رحمك الله إلى ما قرره هذا العالم المؤرخ، وهو قريب عهد منهم حيث عاش ما بين سنة (599-665) للهجرة النبوية، وكيف تألّم لما حل بالمسلمين من كرب وضيق من جرّاء حكم هؤلاء الباطنيين، وعلى هذا فالمولد النبوي أصله ومنشئه من الباطنيين ذي الأصول المجوسية اليهودية المحيين شعائر الصليبية، ونحن هنا نقول لكل منصف هل يصح أن نجعل أمثال هؤلاء مصدر عباداتنا وشعائرنا، ونحن نقول مرة أخرى إن القرون المفضّلة التي عاش فيها سلفنا الصالح لم يكن فيها أثر لمثل هذه العبادة، منهم أو من أعدائهم، أو حتى من جهلتهم وعامّتهم أفلا يسعنا ماوسعهم.
في الختام أسأل الله العلي القدير أن يتقبل منا ومنكم صالح الأعمال وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.(مقتبس)