ولما بلغت سنه عليه الصلاة والسلام خمسا وعشرين سنة سافر إلى الشام المرة الثانية ، وذلك أن خديجة بنت خويلد الأسدية (1) كانت سيدة تاجرة ذات شرف ومال تستأجر الرجال في مالها وتضاربهم إياه، فما سمعت عن السيد من الأمانة وصدق الحديث ما لم تعرفه في غيره حتى سماه قومه الأمين، استأجرته ليخرج في مالها الى الشام تاجرا.....
لما عاد الرسول الى مكة ورأت خديجة ربحها العظيم الذي زاد بأمانة وبركة الرسول أرسلت اليه تخطبه لنفسها..
وكان سنها آن ذلك نحو الأربعين.. وهي من أوسط قريش حسبا وأوسعهم مالا..
فذهب الرسول مع أعمامه إلى عمها عمرو بن أسد .. فخطبها منه بواسطة عمه أبي طالب
وآزرت النبي صلى الله عليه وسلم وساندته في كل موقف ومكان وبكل ما أوتيت من قوة
وكانت هي التي تخفف من آلامه وتطيب جراحه..
قال الرسول في حقها:
في فتح مكة و قريش تنتظر ما سيقرره الرسول صلى الله عليه و سلم في شأنهم، تستوقفه امرأة عجوز فيفرد لها عباءته، و يتحدث معها و السيدة عائشة تنظر و تتساءل من هذه التي انفرد بها و أخذت وقته، و تسأله سيدتنا عائشة: من هذه يا رسول الله ؟ قال : هذه صاحبة خديجة، قالت : فيم كنتم تتحدثون يا رسول الله ؟ قال كنا نتذكر الأيام الخوالي، أيام خديجة. فقالت غاضبة: أما زلت تذكر هذه العجوز و قد واراها التراب، و قد أبدلك الله خيرا منها ؟ فقال: لا و الله ما أبدلني الله من هي خير منها، واستني حين طردني الناس، و صدقتني حين كذبني الناس، و آمنت بي حين كذبني الناس فقالت: استغفر لي يا رسول الله ؟ فقال النبي صلى الله عليه و سلم: استغفري لخديجة حتى أستغفر لك.