جرائم فرنسية بحق مصر يجب الاعتذار عنها والتعويض

كتبت في السابق عن أن احتفال وزير مصري بذكري الاستعمار الفرنسي لمصر عندما افتتح ومعه ورئيس معهد العالم العربي بباريس دومينيك بوديس، في العاصمة الفرنسية معرضا فنيا عن الحملة الفرنسية على مصر (1798-1801). يعتبر جريمة في حق الوطن الذي عاني من ويلات الاستعمار الفرنسي والانجليزي . والغريب أن الوزير لم يتعرض علي الترويج لمكاسب مصر من الاستعمار الفرنسي , من خلال المعرض , حيث تحدث المعرض عن استطاعة العلماء الـ160 الذين رافقوا بونابرت من جرد وتصوير أهم الآثار والإبداعات التي شاهدوها في مصر , في محاولة لإعادة تجميل وجه فرنسا الاستعماري , بعد أن بدأ كتابا مصريون في فضح الحملة الفرنسية علي مصر , وبدء حملة توقيعات لمطالبة فرنسا بالاعتذار عن حملتها علي مصر , وتقديم تعويضات عن جرائمهم بحق الشعب المصري.

ويحاول الفرنسيين إظهار فرنسا علي أنها أتت في الأصل لتنوير المصريين , وتعليمهم المدنية الراقية , ونشر الثقافة والعلم في مصر , وهو كذب فرنسي , ضمن مسلسل الكذبات السمجات , وبالرغم من فضح تلك الأكاذيب التي كان بطلها القنصل الفرنسي في مصر , والذي كان يمهد للحملة علي مصر , عبر تقريره إلى حكومته فرنسا في 22 من شعبان 1212هـ = 9 من فبراير 1798م والذي حرضها فيه على ضرورة احتلال مصر، ويبين أهمية استيلاء بلاده على منتجات مصر وتجارتها، وثرواتها , ويعدد لها المزايا التي ينتظر أن تجنيها الإمبراطورية الفرنسية من وراء احتلالها لمصر.


ولم يتحدث المعرض أو الوزير عن سرقة الحملة الفرنسية للآثار المصرية , وانتهاك كرامه الشعب المصري , وهتك عرض الوطن , ولا عن النهب لثروات مصر , وإذلال شعبها. وهو ما أكده الجناح الفرعوني بمتحف اللوفر , والذي يتقدمه النسخة الأصلية من حجر رشيد المسروق من مصر بواسطة الحملة الفرنسية , و يقتني اثأرا مصرية هائلة , ويعد القسم أكبر قسم أثار مصرية في العالم بعد المتحف المصري , ولم يتحدث يوما عن كيفية وصولها لفرنسا , أو إمكانية إعادتها للوطن المسروقة منه , أكن أخرها احتفال المتحف بمخطوطات طبية فرعونية تعد من اندر المخطوطات الطبية علي مستوي العالم , والتي يذكر المتحف أن فرنسيا عاش في مصر , اقتني المخطوطة , ولم يتحدث عن كيفية اقتنائها , وأن ذلك جريمة يعاقب عليها القانون المصري, والدولي . والتي تعد سبه في جبين مدعي الحضارة والديمقراطية والحرية الفرنسيين.

كما أن احتفال وزارة الثقافة المصرية, والمجلس الأعلى لأثار في مصر بمتحف اللصوص الملقب باللوفر , وإقامة معارض فيه , وعدم الإصرار علي استرداد الآثار المصرية المسروقة , لهي جريمة تطبيع ثقافي , وتاريخي بشعة , ومحاولة لتجميل وجه الاستعمار البغيض , الذي أتي علي الأحمر واليابس , ووصف كتابه المصريون بأبشع الأوصاف لتجميل استعمارهم لمصر, إتاحة فرصة لنشر مواد مزيفة عن الحضارة المصرية , وهو ما لا يريد أن يقوله الكتاب عن الحملة الفرنسية أنها كانت احدي الحملات الصليبية علي مصر, وصراعا بين الكنسيتين الانجليزية والفرنسية علي نشر ثقافة المذهب , ونهب ثروات المسلمين , بالرغم من عدم وجود أي عداوة بين المصريين وفرنسا , كما قال السيد محمد كريم رحمه الله لقائد الحملة الفرنسية نابليون بونابرت , فدخلوها بعد أن قتلوا في هذا اليوم وحده مائة شهيد لم يحترمهم الوزير المصري باحتفاله بالاستعمار الفرنسي.

لكن ما جعلني اشرع في كتابة هذا المقال هو عدم اعتذار فرنسا عن جريمتها في مصر حتى الآن , وبرغم أن جرائم الفرنسيين في مصر لا تقل بشاعة عن جرائم هتلر أو موسوليني أو غيره من الدكتاتوريين , إلا أن إصرار فرنسا علي عدم تشويه تاريخها يدفعها دائما لتناسي حقائق جرائمهم البشعة , ويحاولن بكل الصور إصباغ حملاتهم الدموية بصورة المخلص , المثقف الواعي

وهو ما ظهر جليا في طلب محبي فرديناند ديليسبس نسف تاريخ نضال المصريين في حفر قناة السويس وإعطاء الامتياز ولتاريخ لفرنسا كوجه حضاري , عبر طلبهم أعاده وضع تمثال لفرديناند ديليسبس في واجهة القناة , وإقامة احتفال سنوي يحضره مشاهير فرنسا وشعبها , للاحتفال بحضارة فرنسا في مصر , ودورها في بناء مصر , مقابل رشوة سنوية 50 مليون يورو , وهي احدي محاولات الفرنسيين تجميل صورة فرنسا القبيحة , وكأن الآلاف من المصريين الذين ذهبوا سخره لشق القناة , ومات الآلاف منهم أثناء عملية الحفر , في الوقت الذي كان عميل الاستعمار الفرنسي يحتسي اجود أنواع الخمور ويتمتع بمراوح بشرية مصرية , لتقليل لهيب صيب مصر, وحصوله علي كثير من الامتيازات التي تتعدي حجم سرقته لمشروع القناة القديم , وإعادة عرضة علي انه فكرة خاصة به , بالرغم من أنها فكرة إسلامية حاول عمرو بن العاص تنفيذها , لكن الموارد والخبرات وقتها لم تتح ذلك.

إن حق مصر في إرغام فرنسا علي الاعتذار لمصر عن استعمارها و نهب ثرواتها هو حق أصيل , لا يستطيع إنسان مهما كبر سلطانه أن ينزعها ذلك الحق , كما أن حقها في طلب التعويضات سواء من فرنسا أو انجلترا أمر يجب أن يفعل , لوقف الزحف الاستيطاني الجديد , و وحفاظا علي كرامة المصريين سواء من استشهد دفاعا عن الوطن أمام طغيان الحملات الاستعمارية ,أو من يعيش الآن فيها , حتى يشعر المواطن أن دفاعه عن وطنه أمر خارج عن ألاعيب الساسة