الآراء الفقهية ومسألة فطر المريض :
إباحة الفطر لأصحاب الأعذار : يرخص الفطر للشيخ الكبير ، والمرأة العجوز ، اللذان لا يقدران على الصوم ويزدادان ضعفاً مع الأيام ، وكذلك المريض يلازمه مرض لا يبرأ منه إلى آخر حياته ، ولا يستطيع مع مرضه هذا أن يصوم ؟ فهؤلاء جميعاً يرخص لهم الفطر وليس عليهم قضاء ويطمعون عن كل يوم مسكيناً غداء وعشاء ، ويقدر ينصف صاع أو صاع من غالب قوت أهل البلد ، على خلاف في ذلك ، كما أجاز الحنفية إخراج القيمة نقداً .
من يرخص لهم بالفطرة وعليهم القضاء :
يرخص الفطر للمريض مرضاً شديداً يزيده الصوم ، أو يخشى تأخر برئه ، ويعرف ذلك إما بالتجربة أو بإخبار الطبيب الثقة .
وكذلك من غلبه الجوع والعطش وخاف على نفسه الهلاك ، لزمه الفطر وإن كان صحيحاً على نفسه الهلاك ، لزمه الفطر وإن كان صحيحاً مقيماً وعليه القضاء ، قال تعالى : )ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيماً (.
وعلى هذا ، فالمريض الذى يخبره الطبيب المسلم الخبير ، أن مرضه يمنعه من الصوم وجب عليه أن يفطر .
من يجب عليهم الفطر والقضاء :
اتفق الفقهاء على أنه يجب الفطر على الحائض والنفساء ويحرم علهم الصوم ، وإذا صامتا لا يصح صومهما ، ويكون باطلاً وعليهما القضاء لقول لعائشة رضي الله عنها ، فيما رواه البخاري ومسلم : ( كنا نحيض على عهد الرسول صلى الله عليه وسلم فنؤمر بقضاء الصوم ولا نؤمر بقضاء الصلاة ) ، بل إنهما تأثمان إذا صامتا حال الحيض والنفاس .
لاستعمال الدواء في الصوم ثلاث حالات :
§الأولى: عن طريق الفم . فإذا استعمل المريض الدواء عن طريق الفم، ودخل الدواء جوفه فإنه يفسد صومه سواء كان الدواء سائلاً أو جامداً ، مغذياً أو غير مغذ .
§الثانية: عن طريق الدبر (فتحه الشرج) : كل ما دخل إلى الجسم –سواء كان سائلاً أو لبوساً أو حقناً –فإنه يفسد الصوم .
§الثالثة: عن طريق الحقن بالوريد أو العضل ، فإذا أخذ المريض الدواء عن طريق الوريد أو العضل ، قال فريق من العلماء : فسد صومه لأن الدواء دخل الجسم واختلط بالدم ، وهو أبلغ في الفطر وأقوى ، ولأن ما في المعدة سيصل إلى الدم وهذا قد وصل ، واستشهدوا بقول النبي صلى الله عليه وسلم ( الفطر مما دخل ) والنبي صلى الله عليه وسلم أمر بالأثمد عند النوم ليتقه الصائم .
وقال فريق آخر ، لا يفسد صومه ، وهو رأى ابن تيمية أيضاً .
والأولى أن نأخذ بالرأي الأول ، خروجاً على الخلاف إذا لم يكن هناك حرج ومشقة أما إذا كان هناك حرج ومشقة في ذلك فلا بأس في الأخذ بالرأي الثاني .
استعمال المناظير في الصيام :
إذ أريد إجراء منظار للمريض عن طريق الفم إلى المعدة ، فإذا أستطاع تأجيل المنظار إلى ما بعد الصوم فعل ، إن كان ذلك لا يضره ، كأن يريد الإنسان أن يعمل فحوصات مثلاً للاطمئنان على صحته ، أما إذا كان التأخير لنهاية يوم الصوم يضره ، وكان هناك داع لذلك ، فعل ذلك ، وقضى يوماً بدلاً من ذلك الذي فعل فيه المنظار ، لأنه بدخول المنظار إلى المعدة في نهار رمضان يفطر الصائم ، وعند الحنفية إذا كان المنظار جافاً وبقى طرفه المدلى إلى الخارج فإن الصوم لا يفسد .
المنظار عن طريق الدبر :
دخول المنظار عن طريق الدبر لا يفطر الصائم ، في رأى المالكية لأنهم يشترطون أن يكون الداخل من الدبر مائعاً ، وهو رأي القاضي من الشافعية ورأى ابن تيمية .
وقال الشافعية والحنفية والحنابلة يفطر الصائم ، وعلى هذا : إما أن يأخذ المريض بالرأي الأول ، وإما يؤخر المنظار إذا كان ذلك لا يضره وإن كان يضره التأخير يكون له عذر المريض ويقضي عند الشفاء ، إن شاء الله تعالى .
المنظار عن طريق المثانة :
في المنظار عن طريق المثانة رأيان ، أصحهما أنه لا يفطر الصائم فإما أن يأخذ به المريض ، وإما أن يؤخر المنظار إن كان ذلك لا يضره.